U3F1ZWV6ZTQ2MjU2ODgzNjIyMTFfRnJlZTI5MTgyODQyMDU5MDI=

الحكمة من ذكر القصص في القرآن الكريم والسنه النبوية

القصص  في القرآن الكريم
 

الحكمة من ذكر القصص  في القرآن الكريم والسنه النبوية.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: التربية بالقصة المشتملة على العبرة والعظة من أنجح المواعظ، لأن النفس بطبيعتها تنجذب إلى القصة.

وتأخذ القصة بمجامع القلوب، فإذا أودعت فيها الحكمة والعبرة كانت الغاية. والقرآن الكريم من أجل التربية وترسيخ المعاني الإيمانية، والأخلاق المرضية، استخدم القصة.


التربية بالقصة الهادفة والآداب في قصص القرآن


جاء في كتاب النظام والإسلام، في بحث (التربية والآداب في قصص القرآن) ما نصه:

طال الأمد على أمتنا فأهملت ما في غضون كتابها من أساس التربية والحكمة، ياليت شعرى ما الذى أصابها حتى غضت النظر عن القصص التي قصها، وأهملت أمرها.

وظن أهلها أنها أمور تاريخية لا تفيد إلا المؤرخين، والقصص في كل أمة عليها مدار ارتقائها، سواء كانت وضعية أم حقيقة على ألسنة الحيوان أو الأنسان أو الجماد.


جاء القرآن الكريم والسنه النبوية بقصص الأنبياء

وقد جمعت أحسن الأسلوب واختيار المقامات المناسبة لما سيقت إليه، والقدوة الحسنة للكمل المخلصين من الأنبياء.

وإن حب التشبه طبيعية مرتكزة في الإنسان ولا سيما لمن يقتدى بهم، فهذه خمس مزايا اختصت بها هذه القصص، ونفضت فى سواها أليس من العيب الفاضح أن نقرأ قصص القرآن فلا نكاد نفهم إلا حكايات  ذهبت مع الزمان ومرت كأمس الدابر ومالنا ولها إذن.


تالله، إن هذا لهو البوار ولم يكن هذا إلا للجهل بالمقصود من قصها وأنها عبرة لمن اعتبر، وتذكرة لمن تفكر، وتبصرة لمن انزجر.

وبالإجمال: فليس القصد من هذه القصص إلا منافعها والعبر المبصرة للمسلمين.( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) يوسف 111.


ولسنا ممن يتبجح بالقول بلا بيان فلا نعتمد إلا على البرهان تأمل هذا القصص تجده لا يذكر إلا ما يناسب الإرشاد والنصح، ويعرض عن كثير من الوقائع إذ لا لزوم لها. ولا معول عليها فلا ترى قصة إلا وفيها توحيد وعلم ومكارم أخلاق، وحجج عقلية وتبصرة وتذكرة تلذ العقلاء.


وقيل: لكل قصة قرآنية أو نبوية هدف تربوي رباني سيقت من أجله، والعبرة بالقصة إنما يتوصل إليها صاحب الفكر الواعي، والذى لا يطغى هواه على عقله وفطرته. بل يستبط من القصة المغزى الحق وفى ذلك يقول الله تعالى "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" يوسف 111.


قال العلامة محمد رشيد رضا: "ووجه الاعتبار بهذه القصة أى قصة يوسف أن الذى قدر على إنجاء يوسف بعد إلقائه في الجب، وإعلائه بعد وضعه في السجن.

وتمليكه مصر بعد أن بيع العبيد بالثمن البخس والتمكين له في الأرض بعد ذلك الإسار والحبس الطويل، وإعزازه على من بغاه بالسوء من إخواته وجمع شمله بهم وبأبويه على ما أحب بعد المدة الطويلة، والمجيء بهم من الشقة النائية.

إن الذى قدر على ذلك كله أيها الناس لقادر على إعزاز محمد صلى الله عليه وسلم وإعلاء كلمته، وإظهار دينه، فيخرجه من بين أظهركم ثم يظهره عليهم، ويمكن له في البلاد ويؤيده بالجند والرجال والاتباع والأصحاب، وإن مرت به الشدائد وأتت دونه الأيام والليالي والحوادث.


الحكمة والغاية من ذكر القصص في القرآن الكريم


وقيل: يشتمل القرآن الكريم على كثير من القصص التي تكرر في غير موضوع، فالقصة الواحدة يتعدد ذكرها في القرآن، وتعرض في صور مختلفة في التقديم والتأخير والإيجاز والإطناب وما شابه ذلك.
ومن حكمة هذا:
  1. بيان بلاغة القرآن في أعلى مراتبها، فمن خصائص البلاغة إبراز المعنى الواحد فى صورة مختلفة، والقصة المتكررة ترد في كل موضع بأسلوب يتمايز عن الأخر، وتصاغ في قالب غير القالب، ولا يمل الإنسان من تكرارها بل تتجدد في نفسه معانى لا تحصل له بقراءتها فى المواضع الأخرى .
  2. قوة الإعجاز، فإيراد المعنى الواحد في صور متعددة مع عجز العرب عن الإيتان بصورة منها أبلغ في التحدي.
  3. الاهتمام بشأن القصة لتمكين عبرها في النفس، فإن التكرار من طرق التأكيد وأمارات الاهتمام كما هو الحال في قصة موسي مع فرعون، لأنها تمثل الصراع بين الحق والباطل أتم تمثيل، مع أن القصة لا تتكرر في السورة الواحدة مهما كثر تكرارها.
  4. اختلاف الغاية التي سيق من اجلها القصة، فتذكر بعض معانيها الوافية للغرض في مقام وتبرز معانى أخرى في سائر المقامات حسب اختلاف مقتضيات الأحوال. 

الهدف من ذكر القصص النبوية

أما القصص النبوي فالهدف منه كذلك ترسيخ المعاني الإيمانية، وغرس الفضائل في نفوس المسلمين، وكذا تسليتهم وتثبيتهم في طريق الإيمان، فمن القصص النبوي الذى يرسخ المعاني الإيمانية قصة الرجل الذى سال بعض بنى اسرائيل  أن يسلفه ألف دينار.


فعن أبى هريرة  رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر رجلا من بنى إسرائيل سأل بعض بنى إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم.

فقال كفي بالله شهيدا، قال: فائتني بالكفيل: قال كفي بالله كفيلا، قال: صدقت، فدفعها إليه إلي أجل مسمى، فخرج في البحر، فقضى حاجته، ثم التمس مركبا يركبه يقدم عليه للأجل الذى أجله.

فلم يجد مركبا، فاتخذ خشبة فنقرها فأخل فيها ألف دينار، وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم زجج موضعها، ثم أتى بها البحر.

فقال: اللهم إنك تعلم أنى تسلفت فلانا ألف دينار، فسألني كفيلا.

فقلت: كفى بالله كفيلا، فرضى بك، وسألني شهيدا، فقلت كفى بالله شهيدا، فرضى بك وإني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذى له، فلم أقدر. وإني استودعتكها فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده.


فخرج الرجل الذى كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء ماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطبا، فلما نشرخا وجد المال والصحيفة، ثم قدم الذك كان أسلفه وأتى بألف دينارا.

فقال: والله مازلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك، فما وجدت مركبا قبل الذى جئت به.

قال: فإن الله قد أدى عنك الذى بعثته فى الخشبة، فانصرف بالألف دينار راشد( أخرجه البخارى:2291).


ففي القصة حث التوكل على الله تعالى، والوفاء بالوعد وتصديق المسلم وحسن الظن به، وكذا حسن الظن بالله سبحانه وتعالى والرضا به ربا وكفيلا وشهيدا.


مقالات منوعة.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة