U3F1ZWV6ZTQ2MjU2ODgzNjIyMTFfRnJlZTI5MTgyODQyMDU5MDI=

تفسيرالآية "ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا" سورة الأحقاف

الحجم
تفسيرالآية ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا سورة الأحقاف
سورة الأحقاف الآية رقم 15

سورة الأحقاف ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا. تفسيرالآية. سورة الأحقاف هي من السور المكية التي نزل بها الوحي، على رسول الله صل الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة إلى المدينة.

وهى من السور المثاني كذلك هي من سور الحواميم التي تبدأ بحروف مقطعة. وهي حم والتي يؤكد بها الله تعالى عن عظمته جل وعلا في معجزة التي خص بها رسوله الكريم وهي القرآن الكريم.


تفسير سورة الأحقاف "ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا" الآية رقم 15

ويقال إن الآية رقم 10 مدنية أي نزلت بالمدينة المنورة، وسورة الأحقاف من السور المثاني. وترتيب نزولها بين سورتي الجاثية والذاريات أما ترتيبها في المصحف الشريف، هو رقم 46 وتقع بين سورتي الجاثية ومحمد ويبلغ عدد آياتها 35 آية.

تفسيرالآية "ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا" سورة الأحقاف.

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٥﴾.


أوصي الله تعالي بالوالدين، لعظم فضلهما فمن أكرمه الله تعالي بحياة والديه فليحملهما فوق رأسه، وليجعلهما فى عينيه وليغتنم فرصة حياتهما، ليكسب رضاهما فيرضى عنه الله، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"رضا الرب فى رضا الوالد ، وسخط الرب فى سخط الوالد"(صحيح سنن الترمذى: 1899).

فمن أكرمه الله بحياة والدية ثم لم يغتنم الفرصة ولم يحصل رضا الله برضاهما فأنى يرضي عنه الله؟.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:" رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف". قيل: من يارسول الله؟ قال:" من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة"( صحيح مسلم 2551).

ثم خص الله تعالى الأم بذكر المتاعب والصعاب والمشاق التى تحملتها مما يدعو إلى زيادة برها والإحسان إليها فقال:"حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" ومشقة الحمل، وآلام الحمل، وآلام الوضع، وآلام الولادة، لا تخفي على عاقل، حتى إن بعض النساء قد تفقد حياتها وتموت وهى تضع ولدها ولذلك جاء رجل إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال يارسول الله، من أحق بحسن صحابتى؟.

قال:" أمك".

قال: ثم من؟.

قال:"أمك".

قال: ثم من؟.

قال:"أمك".

قال: ثم من؟.

قال :"ثم أبوك"(صحيح البخارى5971).


وقد استنبط الصحابة رضوان الله عليهم من قوله تعالى:" وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" أن المرأة قد تلد لستة أشهر، قالوا: لأن الله قال:"وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ "(البقرة :233)، فذكر سبحانه أن أوفي أجل الرضاعة سنتان أربعة وعشرون شهرا فيبقي ستة أشهر للحمل، فتكون أقل مدة الحمل ستة أشهر.

ثم ضرب الله تعالي مثلا للولد الصالح البار بأبويه فقال:" حتى إذا بلغ أشدة وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك وإنى من المسلمين".


"إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة": فالإنسان منذ ولادته وهو فى ازدياد من القوة البدنية والعقلية إلى أربعين سنة، العقل على الشهوات فإن أراد الله به خيرا تكشفت الأمور أمامه والحقائق، وظهرت الدنيا على حقيقتها ووجدها لا تساوى شيئا، فزهد فيها وأقبل على الله عزوجل، وتوجه إليه مستعينا به على ذكره وشكره وحسن عبادته قائلا: "رب أوزعنى" ألهمنى وأعنى واجمع قواى" أن أشكر نعمتك التى أنعمت على" خاصة " وعلى والدى" فإن من أحسن إلى والديك فقد أحسن إليك فنعمة الله على والديك نعمة عليك أنت فيجب أن تشكر الله على ما أنعم به على والديك، كما يجب أن تشكره على ما أنعم به عليك خاصة.

"وأن أعمل صالحا ترضاه" فلم يطلب مطلق العمل الصالح، ولكنه طلب عملا صالحا يرضاه الله، والعمل الصالح لا يكون مرضيا عند الله إلا إذا كان خالصا لله وموافقا لسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم، كما قال تعالى" وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا "(125).


مواضيع ذات صلة:

  1. دعاء ليلة القدر.
  2. حكم زكاة الفطر.
  3. رسول الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
  4. قصة الثلاثة الاقرع والاعمى والابرص.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:

"ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله" أخلص العمل لربه عز وجل فعمل إيمانا واحتسابا،"وهو محسن" أى اتبع فى عمله ما شرعه الله له، وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما، أى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون متابعا للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص، فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد، فمتى فقد الإخلاص كان منافقا، وهم الذين يراءون الناس، ومن فقد المتابعة كان ضالا جاهلا ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين.


"أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ"(16)الأحقاف.

ولهذا قال تعالى:"واتبع ملة إبراهيم حنيفا" وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة. (تفسير القرآن العظيم599/1).

"وأصلح فى ذريتى" هذا هو السؤال الثالث الذى سأله ذلك الإنسان ربه، وذلك مما يحرص عليه الأنبياء والصالحون كما قال إبراهيم عليه السلام :"رب هب لى من الصالحين" الصافات: 100.

وقال أيضا: رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى

وقال زكريا عليه السلام: رب هب لى من لدنك ذرية طيبه.

فالواجب على الأنسان حين يطلب الولد أن يحرص على أن يكون من الصالحين، وأن يستعين بالله عزوجل على إصلاح ذريته بالدعاء، فإن الدعاء من أعظم أسباب صلاح الذرية، قال مالك بن مغول: اشتكى أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف، فقال: استعن عليه "وأصلح لى فى ذريتى" (الجامع لأحكام القرآن 195/16). أى ادع له بالهداية والصلاح، فإن دعاءك له مستجاب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده"(صحيح سنن ابن ماجه:3115).

ثم توسل الداعى إلى ربه لقبول دعائه فقال: إنى تبت إليك وإنى من المسلمين: فتبين أن الدعاء لا يصح إلا مع التوبة، وإلا مع كون الداعى من المسلمين.


قال الرازى رحمه الله: اعلم أنه تعالى حكى عن هذا الداعى أنه طلب من الله تعالى ثلاثة أشياء:

  1. أن يوفقه الله للشكر على نعمه.
  2. أن يوفقه للإتيان بالطاعة المرضية عند الله.
  3. أن يصلح له فى ذريته.

وفى ترتيب هذه الأشياء الثلاثه على الوجه المذكور وجهان:

  1. أنا بينا أن مراتب السعادات ثلاثة، أكملها النفسانية، وأوسطها البدنية، وأدونها الخارجية  والسعادات النفسانية هى اشتغال القلب بشكر آلاء الله ونعمائه والسعادات البدنية هى اشتغال البدن بالطاعة والخدمة، والسعادات الخارجية هى سعادة الأهل والولد، فلما كانت المراتب محصورة فى هذه الثلاقه لا جرم رتبها الله تعالى على هذا الوجه.
  2. لرعاية هذا الترتيب أنه تعالى قدم الشكر على العمل، لأن الشكر من أعمال القلوب، والعمل من أعمال الجوارح وعمل القلب أشرف من عمل الجارحة، وأيضا المقصود من الاعمال الظاهرة أحوال القلب قال تعالى:" وأقم الصلاة لذكرى ".

بين أن الصلاة مطلوبة لأجل أنها تفيد الذكر، فثبت أن أعمال القلوب أشرف من أعمال الجوارح والأشرف يجب تقديمه فى الذكر وأيضا الاشتغال بالشكر اشتغال بقضاء حقوق النعم الماضية.


والاشتغال بالطاعة الظاهرة اشتغال بطلب النعم المستقبلة، وقضاء الحقوق الماضية يجرى مجرى قضاء الدين، وطلب المنافع المستقبلة طلب للزوائد، ومعلوم أن قضاء الدين مقدم على سائر المهمات، فلهذا السبب قدم الشكر على سائر الطاعات وأيضا أنه قدم طلب التوفيق على الشكر، وطلب التوفيق على الطاعة على طلب أن يصلح له ذريته. وذلك لأن المطلوبين الأولين اشتغال بالتعظيم لأمر الله، والمطلوب الثالث اشتغال بالشفقة على خلق الله، ومعلوم أن التعظيم لأمر الله يجب تقديمه على الشفقة على خلق الله.(التفسير الكبير (20/28).

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة