U3F1ZWV6ZTQ2MjU2ODgzNjIyMTFfRnJlZTI5MTgyODQyMDU5MDI=

رجل قتل مائة نفس ودخل الجنة

رجل قتل مائة نفس ودخل الجنة


رجل قتل مائة نفس ودخل الجنة، كيف أتوب إلى الله.
"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" البقرة: 222.

"إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا " وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" النساء: 17، 18.


خطبة عن التوبة: الرجل الذي قتل مائة نفس ودخل الجنة

روى مسلم في صحيحه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

كان فيمن كان قبلكم رجلٌ قتلَ تسعةً وتسعين نفسًا
فسألَ عن أعلمِ أهل الأرضِ، فدُلَّ على راهبٍ 
فأتاه فقال: إنه قتلَ تسعةً وتسعين نفسًا فهل له من توبة؟.


فقال: لا.
فقتله، فكمَّلَ به مئة.
ثم سألَ عن أعلمِ أهلِ الأرض، فدُلَّ على رجلٍ عالمٍ.
فقال: إنَّه قتلَ مئةَ نفسٍ فهل له من توبةٍ؟.
فقال: نعم، ومن يحولُ بينَه وبينَ التوبة.
انطلقْ إلى أرضِ كذا وكذا.
فإن بها أناسًا يعبدون اللهَ فاعبد اللهَ معهم.

ولا ترجعْ إلى أرضكَ فإنها أرض سوء.
فانطلقَ حتى إذا نصفَ الطريق أتاه الموت.
فاختصمتْ فيه ملائكةُ الرَّحمةِ وملائكةُ العذابِ.
فقالتْ ملائكةُ الرَّحمةِ: جاءَ تائبًا مقبلًا بقلبِه إلى الله.
وقالتْ ملائكةُ العذابِ: إنه لم يعملْ خيراً قط.
فأتاهم مَلَكٌ في صورةِ آدميٍّ، فجعلوه بينَه.

فقال: قيسُوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له.
فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرضِ التي أراد.
فقبضتُه ملائكةُ الرَّحمة.


أما الدروس من هذا الحديث بألفاظه المختلفة فهي كما يلي:


الدَّرْسُ الأوَّل: الفرق بين العالم والعابد

رجل قتل مائة نفس ودخل الجنة.
إذا أشكلَ عليكَ أمرٌ في دينكَ فاقرعْ بابَ العَالِمِ لا العابدِ.
عبادةُ العابد لنفسه وجهلِه للنَّاسِ.
وتقصيرُ العالم في العبادة على نفسِه وعلمه للنَّاسِ.
إذا مرضَ أحدُنا قرعَ بابَ الأطبَّاءِ.

وإذا تَلِفتْ سيَّارتُه سألَ عن أمهرِ ميكانيكي.
وإذا أراد تفصيلَ طاولةٍ بحث عن نجَّارٍ فذّ.
وإنَّ الدِّين أغلى من كل ما سبقَ فنأخذه من أهله.
ليس كلُّ روَّاد المساجدِ علماء فقهاء.
العبادةُ أمرٌ محمود ولكنها شيء، والعِلمُ شيء آخر.
حتى الصَّحابة لم يكونوا جميعاً أهل فتوى.
وإنما كانوا يتمايزون.


فهذا أُبي بن كعب رضي الله عنه أقرأُ الصَّحابة لكتابِ اللهِ.
وهذا معاذُ بن جبل رضي الله عنه أعلم الصَّحابةِ بالحلال والحرام.
وعندما أراد الصِّديقُ رضي الله عنه جمع القرآن ومن بعده عثمان.
أوكلوا الأمر لأبيّ بن كعبٍ لا إلى خالد بن الوليد.

وعندما أرادَ خوضَ حروب الردة ولّى على المسلمين خالداً رضي الله عنه.
إنَّ هذه الدُّنيا اختصاص، ولكلِّ عِلمٍ أهله.


وعندما جاءَ الزِّبرقانُ بن عديّ إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
يشكُو إليه أنَّ الحُطيئة قد هجاه قائلاً:
دع المكارمَ لا ترحلْ لبُغيتها.

واقعدْ فإنك أنتَ الطاعمُ الكاسِي.
قال له عمر على ضلوعه في الشعر: ما أرى فيه هجاءً.
فقال له الزبرقان: أيكون حسبي من المكارم أن أُطعم وأُكسى؟.
فأراد عمر رضي الله عنه أن يتثبت.


فلم يرسلْ في طلب أُبيّ وهو أقرأُ الصحابةِ لكتاب الله.
ولا إلى ابن عباس وهو ترجمانُ القرآن.
ولا إلى معاذٍ وهو أعلمُ الناس بالحلال والحرام.
ولا إلى أبي هريرة وهو أكثرُ الصحابة رواية للحديث النبوي.
وإنما أرسلَ في طلبِ حسَّان بن ثابت.

لأنَّ القضية شِعر وأهلُ الفتوى فيها هم الشُّعراء.
فقال حسان: لم يهجه فقط، بل ذرقَ  بال عليه.
كناية عن شدّة الهجاء.
فحبس عمر رضي الله عنه الحُطيئة.


الدَّرْسُ الثّاني: وفوق كل ذي علم عليم

من قال: الله أعلم، فقد أفتى.
فلا تتحرجْ أن تقول الله أعلم إذا لم تعرفْ حُكم مسألة.
فلا تحملْ وزرَ النَّاسِ لأنكِ خجلتَ أن تقولَ اللهُ أعلم.
وها هو الشعبيُّ المُحدِّثُ العالمُ والفقيه والقاضي.
يُسألُ عن مسألةٍ، فيقول: الله أعلم.


فقالوا له: أما تستحي أن تقولَ الله أعلم وأنت فقيه العراق؟.
فقال: إن الملائكة لم تستحِ يوم قالت:
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا.
وها هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة.
الذي كان يقال فيه، لا يُفتى ومالك في المدينة.
جاءَه رجلٌ من العراق بأسئلة.

فأجابَ عن بعضها، وسكتَ عن بعضها الآخر.
فقال له الَّرجلُ: ماذا أقولُ لأهل العراق يا مالك؟.
فقال له: قلْ لهم إنَّ مالكاً لا يعلم.

 

الدَّرْسُ الثَّالث: رحمة الله وسعت كل شيء

رجل قتل مائة نفس ودخل الجنة.
إياكَ أن تعتقد أن ذنبكَ مهما عظُم فهو أعظمُ من رحمةِ الله.
إنَّ الشَّيطانَ لا يريد منكَ إلا هذه.
يريدُ أن يُكبِّر الذنبَ في عينيكَ ويصغّرَ رحمة الله.
ورحمة الله أوسعُ من ذنبك، كُنْ على ثقةٍ بهذا.
هذا رجلٌ قتل تسعةً وتسعين إنساناً ثم قرر أن يتوب.

فانتكسَ مُجدداً وأكملَ ضحاياه على المئة.
ثم لمَّا علم اللهُ في قلبه خيراً هيَّأ له سبب التوبة.
وقد صَدقَ الله، فصدقه الله.


حملَ زاده ومتاعه وارتحل، فجاءه الموتُ في الطريق.
وفي روايةِ البخاريِّ أن الملائكة لما قاسوا المسافة.
كان الرَّجلُ في وسطِ الطريق تماماً.
فأوحى اللهُ إلى الأرضِ أن تقاربي حتى كان أقرب لبلد الصالحين. 
هذا التائبُ في حقيقة الأمر لم يكن إلا سفَّاحاً.
يقتلُ عند أهون سببٍ، وقد قتلَ رجلاً لم تعجبه فتواه.

وليس بعد الشِّركِ ذنب أعظم من القتل، وقد تاب الله عليه.
فلا علاقاتك المحرمة أكبر من رحمة الله.
ولا قبولك الرَّشوة أكبر من رحمة الله.
ولا شربكَ الخمر أكبر من رحمة الله.

وانظر إلى الصَّحابة الذين عاصروا البعثة الشريفة كيف كانوا قبلها.
هذا عمر خرج ليقتلَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وهذا عكرمة أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح.
وهذا خالد قلبَ نصر المسلمين هزيمة يوم أُحد.
ثم انظرْ إلى رحمةِ الله.

عمر يملأ الأرضَ عدلاً ورحمة.
وعكرمة شهيدُ اليرموكِ وقائد الميمنة.
وخالد سيف الله المسلول الذي أدّبَ به أبو بكر الروم وفارس.
والناسُ معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في في عصرنا عن أشخاص.

كانوا من أشرس أعداء الإسلام فصاروا بالتوبة أشرس المدافعين عنه.
فإن عُرفتَ في المعصية.
فما زال الباب مفتوحاً لتُعرفَ بالطاعة.


الدَّرْسُ الرَّابع: لا تقفْ بين النَّاسِ وبينَ الله

رجل قتل مائة نفس ودخل الجنة.
النَّاسُ يحتاجون لمن يأخذُ بأيديهم إلى الله.
فلماذا تدفعهم عنه.
حدّث العصاةَ عن رحمةِ اللهِ قبلَ عذابه.
وعن عدلِه وعفوِه قبل انتقامِه.


في الجنَّةِ متسعٌ للجميعِ فلا تقلقْ على مكانك.
عامل العصاة بالرحمة واشفقْ عليهم.
يرى النبيُّ صلى الله عليه وسلم راهباً يقومُ الليلَ على دين باطل فيبكي.
ويُسألُ: ما يُبكيكَ يا رسول الله؟.

فيقول: عاملة ناصبة تصلى ناراً حامية.
لم يسرُّه أن يدخلَ رجلٌ النَّارَ وهو على دينٍ آخر.
فهل يسره أن يدخلها رجلٌ من أهلِ الإسلام.
ويدخل على يهوديٍّ في سكراتِ الموت فيدعوه فيُسلم.
فيقول: الحمدُ لله الذي أنقذه بي من النار.

إنَّ أحبَّ عباد اللهِ إليه أشدّهم تحبيباً لعباده إليه.
ألا يكفي الناس ذنوبهم التي أحاطت بهم، وشياطينهم التي تسلطت عليهم.
حتى نكون نحن أيضاً عليهم.

يقومُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الليل كله في آية:
"إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم".
فيخبره ربه أننا سنرضيكَ في أمتك.
هذه الرحمة يجب أن نضعها نُصبَ أعيننا.
وأن نكره الذَّنبَ لا المُذنب.

وفي الحديث: أن نبياً ضربه قومه فأدموه.
فأخذ يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.


الدَّرْسُ الخامس: موت الغفلة

الموتُ يأتي بغتة.
فصاحبُنا ماتَ في الطَّريقِ وما ظنّ وهو يمشي أن يموت.
ولكن ما أحلاها من موتةٍ وما أحلاها من طريق.
ماتَ في الطريق إلى الله.


اجعلْ حياتكَ سَفراً إلى الله، ثم ما ضرك متى تموت.
وانظر حولكَ كم زرعٍ ما عاشَ صاحبُه ليحصده.
وكم بيتٍ بُني ما عاش صاحبُه ليسكنه.
وكم مقعدٍ دراسيٍّ مات صاحبه وما تخرَّجَ منه.
كم طفلٍ دفنتَ، وكم صغيرٍ شيعتَ.

كم فتاةٍ كالبدرِ حُسناً ، حُملت إلى القبر لا إلى عريسها.
لا تقلْ غداً أتوب.
فإنَّ غداً قد لا يأتي عليك.
وكل الذين ماتوا منذ ساعة، اعتقدوا مثلنا أنهم لن يموتوا.


الدَّرْسُ السَّادس: أصلح نيتك تُصلح أعمالك

النوايا مناطُ قبول الأعمال.
النِّيةُ وحدها ترفعنا عالياً وإن لم نعمل.
أصابتْ مجاعةٌ بني إسرائيل زمنَ موسى عليه السلام.


فنظر فقير إلى الجبال وقال:
اللهم إنكَ تعلمُ أنَّه لو كان لي مثل هذه الجبالِ ذهباً لأنفقتُها على عبادك.
فأوحى الله إلى موسى أن قُلْ لعبدي أنّا قبلنا منه صدقته.
والنِّيةُ وحدها تحطنا وإن عملنا.

فهذا ابن سلول يصلي الفجرَ جماعةً خلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو في الدَّركِ الأسفلِ من النار.
أصلِحْ نيتك تصلُح أعمالك.

وإياك أن تكون كمن يزرعُ قمحاً في البحر فلا يناله إلا الجهد.

وما له في كل هذا من أجر.


مقالات منوعة.

  1. 5 طرق لتعيش حياة سعيدة.
  2. عقاقير الأمراض النفسية.
  3. شرح حديث الابرص الاقرع والاعمى.
  4. من هو أمين الامه الاسلامية.

    تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق

    إرسال تعليق

    الاسمبريد إلكترونيرسالة