U3F1ZWV6ZTQ2MjU2ODgzNjIyMTFfRnJlZTI5MTgyODQyMDU5MDI=

شرح حديث من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

شرح حديث من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه
من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

شرح حديث من أحب لقاء الله أحب الله لقاءهالحمد لله الذي أذل بالموت رقاب الجبابرة، وكسر بصدمته ظهور الأكاسرة، وقصر ببغتته أمال القياصرة، فعلق بذلك أمل العبد علي أخراه.

ومن صفا مع الله صافاه، ومن أوي إلي الله آواه، ومن فوض أمره إالي الله كفاه، ومن باع نفسه من الله اشتراه بأن له الجنه، تلكم من الله وعظ صادق وعهد سابق، ومن أوفي بعهده من الله فلا يزال العبد خائفا علي نفسه حتى يدخله الله حماه ويبشره بحبه لقياه وبعد.


تخريج حديث من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه


عن عبادة بن الصامت عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:" مَن أحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ أحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، ومَن كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ قالَتْ عائِشَةُ أوْ بَعْضُ أزْواجِهِ: إنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ. قالَ: ليسَ ذاكِ، ولَكِنَّ المُؤْمِنَ إذا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ برِضْوانِ اللَّهِ وكَرامَتِهِ، فليسَ شيءٌ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ، فأحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ وأَحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، وإنَّ الكافِرَ إذا حُضِرَ بُشِّرَ بعَذابِ اللَّهِ وعُقُوبَتِهِ، فليسَ شيءٌ أكْرَهَ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ، كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ وكَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ".


  1. رواه البخاري عن الصحابة الأجلاء: عبادة بن الصامت وأبى موسي الأشعري وأم المؤمنين عائشه رضي الله عنهم أجمعين. والتي بين أيدينا هي رواية  عبادة بن الصامت رواها البخاري عنه  في: كتاب الرقاق، باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه (6507).
  2. ورواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه (رقم 2684-2683).
  3. ورواه النسائي في الصغرى كتاب الجنائز باب: فيمن أحب لقاء الله (1830) وفى الكبرى في الرقائق من حديث أبى هريرة.
  4. ورواه الترمذي في أبواب الجنائز باب فيمن أحب لقاء الله (1048).
  5. ورواه ابن ماجه في كتاب لزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له (4298).


لقاء الله يوم القيامة. شرح من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه


شرح حديث من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، قضى الله عز وجل على خلقه بالموت كما قال تعالى (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) الزمر:30.

وجعل الله عز وجل هذا الموت بوابة خروج من سجن الدنيا وضيفها إلى سعة الآخرة ونعيمها: إذ قال صلي الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبى هريرة: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر".


وقضى الله عز وجل على المختصر الذى حضره أجله فشخص بصره وحشرج صدره واقشعر جلده، قضى الله عليه أن يرى مقعده من الجنه رزقنا الله وإياكم أو مقعده من النار أعاذنا الله وأياكم لكنه قد ختم على لسانه فاينطق، فإن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم يراها في انتظاره.

كما قال صلى الله عليه وسلم من حديث أبى هريرة: الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل صالحا قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان فما يزال يقال لها ذلك حتى تخرج.


فإن وجد هذه البشارات أحب لقاء الله وتمنى على من حوله، وإن كان لا ينطق. أن يسرعوا به إلى قبره إذ قد أحب اله لقاه فبشره بقبر فسيح، روضة من رياض الجنه وحاله كما قال صلى الله عليه وسلم عندما خير وهو على فراش الموت  بين الدنيا والآخرة  فاختار لقاء الله فقال بل الرفيق الأعلى.

(كما فى الصحيحين من حديث عائشة رضى الله عنها).


وأما إن كان من الضالين ممن قضى الله أن يبشر بالحميم فإنه  إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءة. ولهذا جاء في حديث المختصر أن نفس الكافر إذا بشرت بالغضب والسخط تفرقت  في جسده وأبت أن تخرج كما في حديث البراء في مسند أحمد:" ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس  عند رأسة فيقول: أيتها النفس الخبيثة، أخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال فتفرق في جسده فينزعها كما تنتزع السفود من الصوف المبلول.

وكما قال تعالى "وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ" الانعام :93.


فالذي على هذه الحال يكره  لقاء الله وقد كره الله لقاءه وأعد له جزاء ما قدمت يداه، بل يطلب الرجوع إلى الدنيا مرة أخرى ليصلح ما كن أفسد إذ يقول.

كما قال تعالى:"حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" المؤمنون 99-100.

ولقاء الله يكون بعد الموت وليس هو الموت الذى يكرهه الجميع جبلة، وهو الجواب على  تعجب أم  المؤمنين عائشة رضى الله عنها كما فى الحديث:" قالَتْ عائِشَةُ أوْ بَعْضُ أزْواجِهِ: إنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ، قالَ: ليسَ ذاكِ، ولَكِنَّ المُؤْمِنَ إذا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ برِضْوانِ اللَّهِ وكَرامَتِهِ، فليسَ شيءٌ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ، فأحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ وأَحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، وإنَّ الكافِرَ إذا حُضِرَ بُشِّرَ بعَذابِ اللَّهِ وعُقُوبَتِهِ، فليسَ شيءٌ أكْرَهَ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ، كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ وكَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ".

مما يستفاد من الحديث من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه

  1. فيه كراهية العبد للموت حال حياته التي يرجى فيها التوبة والإحسان أمر مشروع. ولا يتنافى  مع حبه للقاء الله.
  2. فيه بيان البشارة العظيمة الحقيقة  للمؤمن ومفارقته للدنيا بالنعيم الخالد في الجنة.
  3. فيه أن البشارة المعتبرة إنما تكون الاختصار لا في حياة الأنسان، من ثبتت بشارته بالوحي.
  4. فيه أن الدنيا سجن للمؤمن، وجنة للكافر كما صح  بذلك الحديث الشريف، وذلك بما أعد الله للمؤمن من نعيم وبما ينتظر الكافر من عذاب إذ جنة الإنسان هي مكان متعته.
  5. فيه توضيح معنى (لقاء الله) بالنسبة للمؤمن والكافر.
  6. بدأ الله بأهل الخير في الذكر لشرفهم، وإن كان أهل الشر أكثر. لقوله تعالى "وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ" يوسف: 103.
  7. وفيه أن المجازاة من جنس العمل، فإنه قابل المحبة بالمحبة والكراهة بالكراهية.
  8. وفيه أن المؤمنين والكافرين يلقون ربهم في الأخرة، ثم تكون الرؤية الخاصة التي هي نعيم وإكرام في الجنة للمؤمنين فقط.

مقالات منوعة:

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة